هاجس المؤامرة في الفكر العربي بين التهوين والتهويل

هاجس المؤامرة في الفكر العربي بين التهوين والتهويل
هاجس المؤامرة في الفكر العربي بين التهوين والتهويل

في ندوة (الوفاء) الثقافية :
معالي الدكتور علي بن إبراهيم النملة  يحاضر عن ( هاجس المؤامرة في الفكر العربي بين التهوين والتهويل )
الرياض : محمد شلال الحناحنة
أقامت ندوة : (الوفاء) الثقافية الأسبوعية بالرياض لعميدها الشيخ أحمد باجنيد محاضرة بعنوان : ( هاجس المؤامرة في الفكر العربي بين التهوين والتهويل) وذلك مساء الأربعاء الواقع في 1/4/1431 هـ ، وقد أدار اللقاء الإعلامي الدكتور عائض الردادي ، وحضره حشدُ من المفكرين والمثقفين ، والإعلاميين ورواد وجمهور الندوة .

مفهوم المؤامرة
بداية أثنى معالي الدكتور علي بن إبراهيم النملة على عميد الندوة الشيخ أحمد باجنيد لما لندوة ( الوفاء ) من دور كبير في النهوض بفكر الأمة وثقافتها ، ثمّ عرّف مفهوم المؤامرة قائلاً : ( يدور مفهوم المؤامرة حول الاعتقاد بأن هناك قوى خفية تُدبر وتخطط للإضرار بالبشرية من منطلق عرفي أو ديني أو جنسي أو سياسي أو اقتصادي ، وتقودها في هذا التدبير حالات من الرغبة في الانتقام أو فرض السيطرة والهيمنة لمصالح قريبة ومحددة ، وهناك طرفان متناقضان في موقفهما من مفهوم المؤامرة أحدهما يثبتها إلى درجة التهويل من تأثيرها على الأمم ، فهي عندهم حقيقة واقعة ، والآخر ينفيها نفياً مطلقاً ، ويسوّغ الأحداث بأنها من فعل الناس أنفسهم ومن داخلهم ونحن نسعى إلى المنهج الوسط بين هذين الموقفين المتطرفين ، فيثبت منهجنا وجود المؤامرة ، لكن لا نرمي عليها كُلّ التدابير والأحداث ، ولا نغفل القدرات الذاتية في وجود المشكلات والإسهام في حلها بفطنة وكياسة وتثبت .
وقد نشرت 432 ألف مادة باللغة العربية ، وزادت عن 2,100000 مليونين ومئة ألف باللغة الانجليزية تتحدث عن المؤامرة وذلك عام 1430 هـ .
(1)
إنَّ عدم الإيمان بوجود الشيء لا يعني أنه غير موجود ، وكذلك الإيمان بوجود الشيء لا يعني أنه موجود ، ويؤكد علماء الاجتماع السياسي أن مفهوم المؤامرة تركز في المجتمعات المنعزلة ، وهناك من يقول أن أمريكا هي موطن المؤامرة دائماً ، ولعل بعضنا يعطي المؤامرة أكثر مما تستحق ، وعموماً نحن المسلمين نقرّ بأن الشيطان يوسوس للإنسان في كثير من الأحيان .
توظيف المؤامرة
وتحدث الدكتور المحاضر علي النملة عن المؤامرة في مفهومها العام الوظيفي ، فهي توّظف غالباً في الأمور السياسية ، وفي الأمور السلبية منها بعيداً عن الإيجابية ، وقد وردت المؤامرة كثيراً في القرآن الكريم ، ونجد المؤامرات اليهودية المتعددة على أنبياء الله ، وقد وصلت إلى قتلهم ، ورميهم بتهم أخلاقية ، وقصص القرآن الكريم تزخر بالمؤامرات على أهل الصلاح من الرسل وأولياء الله في سور كثيرة . وقد زادت هواجس المؤامرة في عالمنا العربي والإسلامي بعد هزيمة حزيران عام 1967 الموافق 1387 هـ
ويقول المفكر عبد الوهاب المسيري : ( إن مؤامرات اليهود تهول ويصنع لها هالة عظيمة ، وهي ليست كذلك إلى الحد الذي يخيفنا ) .
وإن من دواعي المؤامرة وجود عدو متربص فإن لم يوجد أُوجد أو صنع ولعل سقوط بغداد الأخير يوم الأربعاء 6/2/1424 هـ هو مؤشر من مؤشرات المؤامرة ، المؤامرة على الأمة العربية والإسلامية ، وحين انحسرت الشيوعية والنازية أضحت الأمة الإسلامية ، وأضحى الإسلام هو عدو الغرب وهذا بحدّ ذاته مؤامرة ، ويقول بعض الباحثين : ( إن رفض بعض الناس للمؤامرة هو مؤامرة ، وجعل كُل شيء مؤامرة هو مؤامرة أيضاً ) . وتهويل المؤامرة يخدم الآخر أكثر من المهولين أنفسهم . وما أعظم أنْ نتأمل قول الزعيم المصري سعد زغلول بهذا الصدد : (غطيني يا صفية .... مافيش فايدة ) .

 
 (2)
 الخطاب الإسلامي والمؤامرة
ووقف المحاضر أمام الخطاب الإسلامي فقال : ( إن الخطاب الإسلامي يركز على عقدة المؤامرة ، ولذلك ظهر التجديد في الفكر الإسلامي ، ويقول ناجح إبراهيم عبد الله وهو أحد المتطرفين الذي عادوا إلى الوسطية الإسلامية : ( من أهم ملامح الخطاب الديني الجديد ألا تكون لغته خاضعة لنظرية المؤامرة ) .
ولذا فإنه يرى أن التراجع الحضاري عند المسلمين يعود إلى أسباب داخلية وليس للمؤامرة .
وقد نشأ فريق وسط بين التهوين والتهويل ، فهو لا يثبت مفهوم المؤامرة إثباتاً قاطعاً ولا ينفيها . ولعل الهروب من المؤامرة هو نوع من جلد الذات . ويمكن القول بأن الخطاب العربي الإسلامي لجأ إلى المؤامرة مع احتلال اليهود لفلسطين ، يقول أحد القسّسين الغربيين : ( إن الخطر الحقيقي الذي يهددنا مباشراً وعنيفاً هو الخطر الإسلامي ، فالمسلمون عالم مستقل كُلّ الاستقلال عن عالمنا الغربي ، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص ، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة ، فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد دون الحاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية ) .
ومن المؤكد أن الخوف من الإسلام ليس بضاعة أمريكية فحسب، بل يمكن القول إنها بضاعة غربية بالمفهوم الفكري للغرب .
مداخلات
وفي الختام ، أثار اللقاء العديد من الأسئلة ، وقد ردّ المحاضر على ذلك ومنها : مداخلة الدكتور إبراهيم الفارس إذ أشار إلى أن سبب المؤامرة يعود إلى سطحية التفكير ، وضعف الإيمان والوازع الديني ، لأن معاملات الكثيرين بعيدة عن الإسلام ، والقرآن الكريم ، فالله سبحانه وتعالى يقول : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله ) .
 
(3)
وسأل الدكتور عبد الفتاح محمد : هل تشويه صورة العرب في الأفلام الأمريكية والغربية يدخل في مفهوم المؤامرة ؟!
وقال الدكتور يحيى أبو الخير : الإعلام العربي له دور كبير في ترسيخ مفهوم المؤامرة ، ثم سأل : ما العلاقة بين المؤامرة والغزو الثقافي ؟!
وتحدث الأديب الدكتور عبد القدوس أبو صالح فقال : إن كُلّ فضيلة هي وسط بين رذيلتين ، وأتمنى أن يكون في بحث المحاضر : ( كيف يقف المرء من المؤامرة ) ؟ ثم سأل عن مصطلح ( جلد الذات ) من أين جاء ؟! وهل جاء من النصرانية وهم الذين كانوا يعذبون أجسادهم حتى يتخلصوا من العذاب ؟ وقال المفكر الدكتور عز الدين موسى : علينا الرصد الحقيقي للظاهرة وتعزيز الإيجابية فيها وإسقاط السلبية للمؤامرة .
أما الدكتور إبراهيم الشتوي فسأل : هل مفهوم المؤامرة خاص بمؤامرة الدول والأمم على الأمة العربية والإسلامية ؟! وهل المسلمون مستهدفون وحدهم ؟!
 

واحة الشعر
شارك في فقرة الشعر ثلاثة شعراء ، وبدأ ذلك الشاعر جميل الكنعاني في قصيدة أثنى فيها على عميد الندوة الشيخ أحمد باجنيد مهنئاً بالمقر الجديد للندوة في هذا البيت الجديد ، ثم شدا الشاعر الشاب نبيل الزبير قصيدة (عيناك) وهي قصيدة غزلية مترعة باللوعة والألم وأشجان المحبة . وختم الشاعر الكبير فيصل الحجي بقصيدته : ( مدرسة الزيتونة ) وهي مدرسة إسلامية في كندا تدرس اللغة العربية والعلوم الشرعية ، وقد جاءت زاخرة بالقيم الإسلامية ، دافئة معبرة عن وجدان إسلامي أصيل ، بلغة حية ، وإيقاع عذب

التصنيفات